04‏/09‏/2015

دعوة للتفكير والمبادرة قبل أن يفوتنا القطار: إضراب المدارس الأهلية، ما المطلوب الآن !!



محمد زيدان : مدير المؤسسة العربية لحقوق الإنسان /مدرب للتنمية البشرية

بعد أن نشرت خلال الأسبوع الأخير العشرات من المقالات التي ناقشت وحللت أزمة المدارس الأهلية واستمرار إضرابها، - وهو أمر مبارك يدل على الاهتمام الأهلي الجماهيري بهذه القضية باعتبارها قضية جوهرية وهامة -  فاعتقد انه من الأهم الانتقال الآن لمرحلة العمل والمبادرة من اجل القيام بما هو أساسي من اجل الخروج من هذه الأزمة والمساهمة بإحقاق الحقوق الأساسية لهذه المدارس.

وتقوم المبادرة المقترحة على أساس التحرك الجدي من قبل مجموعة مبادرة (أحزاب وجمعيات أهلية ودينية وغيرها) – من اجل إعادة القضية إلى مسارها الطبيعي باعتبارها قضية مطلبيه وطنية تهم المجموع - لا فئة دينية أو سياسية بعينها. وتؤمن المبادرة أن النضال من اجل المطالب العادلة المطروحة، هو نضال من اجلنا واجل أبنائنا وبناتنا - طلاب هذه المدارس أولاً وآخراً.

تقوم المبادرة بالدعوة والتنسيق – مع الهيئات المعنية - لعقد جلسة سريعة مشتركة "للجنة المدارس الأهلية" مع "لجنة المتابعة العليا" "ولجنة الرؤساء" والمؤسسات الأهلية المعنية، وممثلين للأهالي في هذه المدارس، ويتم إقامة طاقم نضالي لقيادة النضال ومتابعة القضية، من خلال البدء بوضع ورقة موقف موحد حول أهداف النضال وتحديد المطالب العينية (استنادا لما أصدرته المدارس الأهلية حتى اليوم وما تجمع من مواقف منذ إعلان الإضراب)، باعتبارها مطالب موحدة للجماهير الفلسطينية بالداخل، ومتفق عليها وتمثل مطالب وحدوية للمؤسسات التعليمية تحت سقف المؤسسات التمثيلية القيادية.

تعمل المبادرة من اجل الوصول لاتفاق موحد حول أساليب النضال وخطة العمل التي ستُفَعَّل من أجل الخروج من الأزمة وسبل النضال من اجل تحصيل هذه الحقوق المطلبة العادلة، وصولاً لوضع برنامج نضالي عقلاني وتدريجي يبدأ بالمنشور والبيان والموقف ، مروراً بالتظاهرات المناطقية والمظاهرات القطرية، واستعمال آليات المرافعة المحلية والدولية المتاحة (من إعلام وسفارات وحكومات ومؤسسات دولية مختلفة)، والوصول للتلويح بالإضراب الجزئي، وصولاً للإضراب العام لكل المؤسسات والمجالس العربية، وغيرها من الأفكار التي يمكن تجميعها وصياغتها ضمن خطة نضالية تصاعدية موحدة.

وأخيرا فإنه من المفيد أن يكون التحرك سريعاً، لتفادي تأزيم القضية وتفادي أبعادها التي تتجاوز حدود المدارس الأهلية والقضايا المطلبية التي تضعها – تتجاوز ذلك لتكون مرشحة لا للتأثير على مصالح ابنائنا الطلبة فحسب، بل للتأثير على النسيج الاجتماعي الأهلي والوطني - باعتبار أن إسرائيل تنتظر بعيون فاحصة لتلك الفرصة التي تتيح لها الدخول من باب المدارس الأهلية لتؤسس مثلاً لبناء "وحدة التعليم المسيحي" ضمن وزارة المعارف الإسرائيلية كما فعلت من قبل مع المدارس "الدرزية" و"البدوية" ....


 هي مجرد أفكار متواضعة، ومحاولة لقرع جدران الخزان, آمل أن يتم تداولها وتطويرها لضمان تحرك سريع وفاعل لحل المشكلة وتفويت الفرصة على المتربصين بنا.

نضال المدارس الأهلية... كنموذج لفشلنا


محمد زيدان -  مدير عام المؤسسة العربية لحقوق الإنسان


أعتقد أن الاستمرار بإضراب المدارس الأهلية لوحدها، وإلغاء إضراب باقي المدارس العربية، فيه أكثر من رسالة تظهر الضعف الذي نحن فيه... بواقع الحال فالمدارس الأهلية هي مدارس عربية وطلابها 100% عربا !! – وهويتها لذلك عربية- رغم كونها" كاثوليكية وأهلية ومسيحية" !!...  إذاً ما المانع من أن تكون جزءً من النضال الجمعي لنا..  ولماذا تعمل هذه المدارس - في نضالها من اجل حقوقها- خارج آليات النضال لمجموع المدارس العربية؟ . حتى وإن كانت مشاكلها وقضاياها مختلفة بعض الشيء عن قضايا باقي المدارس العربية من حيث التسميات والشكل -  فإن الجوهر  التمييزي واحد ومشترك، وهو التمييز المؤسسي الرسمي والممنهج ضدها والذي لا يمكن علاجه بمعزل عن مقارعة التمييز ذاته الموجه ضد "التعليم العربي" والمجتمع الفلسطيني بمجمله داخل الدولة.

لنكن واضحين وصريحين مع أنفسنا ، من ناحية النتيجة فإن إنهاء الإضراب بالمدارس العربية (غير الأهلية) دون ربطه بمطالب المدارس الأهلية – والقبول بفك الإضراب بمعزل عن أي انجازات لهذه المدارس - الأهلية - يعني فعلاً، قبول عزل هذه المدارس وإضعاف قوتها بالضغط والتأثير – وبالتالي إضعافها في معركتها ، والاهم من ذلك كله القبول بالموقف الذي يحاول عرضها كمؤسسات "مسيحية الهوية"، تمثلها هيئة كنسية, وبالتالي يعني ذلك إخراج المؤسسات التمثيلية الرسمية (القطرية والمتابعة والمشتركة) من مسؤولية شملها في ملف النضال من اجل الحقوق باعتبارها قضية واحدة!! .

1)     تتحمل إدارة هذه المدارس والمؤسسات مسؤولية كبيرة في فشلها إحقاق حقوقها (حتى ألان على الأقل) بقرارها ان تعلن الإضراب وحدها .. وتطرح مشاكلها وقضيتها العادلة، خارج الإطار العام للنضال من اجل التعليم العربي !!، الم يكن الأجدر وضع قضاياها الخاصة كبند أساسي في مجمل المطالب العامة للتعليم العربي؟

2)     وتتحمل القيادات السياسية (أحزاب ولجنة متابعة قضايا التعليم ورؤساء مجالس) التي فاوضت الحكومة ووافقت على طرح قضايا التعليم العربي – بمعزل عن قضايا المدارس الأهلية، وبالتالي القبول بانهاء الإضراب دون أن تشمل انجازاتهم تحقيق ما يضمن الحقوق للمدارس الاهلية.

3)     هذه التجربة بكل أبعادها، تعتبر نتيجة حتمية لغياب التخطيط طويل المدى، ووضع قواعد لضبط العلاقة بين مؤسساتنا (بشكل عام وليس التعليمية فحسب) مقابل مؤسسات الدولة الرسمية.

4)     يعتبر هذا الإخفاق مثالا للكثير من تلك النضالات التي تحاول تجاوز الأساس الوطني الجمعي دفاعا عن حقوق مطلبيه مدنية !! الربط بينها ووجود المرجعيات المترابطة بينها أساس لتدعيم أي نضال مطلبي أو وطني!

وبالمجمل هذه التجربة تعلمنا كيف أن النضال المنفرد، وعدم استعمال الطاقات الكامنة بالوحدة النضالية – لا تؤدي فقط  لفشل نضالاتنا المطلبية ولضعفنا أمام التحديات التي تضعها أمامنا مؤسسات الدولة فحسب – بل وتؤدي لترسيخ رسالة الفرقة على ارض الواقع – خاصة تلك الفرقة الطائفية التي لا يستفيد منها سوى تلك القوى التي تعيش وتترعرع في مستنقعات التطرف وتخدم بشكل مباشر توجهات السلطة ، التي تريد دوما زرع ما ينتج الفرقة داخل المجتمع الواحد ، مما يسهل عليها تمرير سياساتها على طريقة الاستفراد بنا كمجموعات متفسخة لا كمجموعة موحدة واحدة. ولكن الطريق لا زالت أمامنا والتحديات القادمة أصعب ولا بد من تدارك الخلل وتجاوز المحنة ورص الصفوف، قبل أن يصح بحالنا ما قالته العرب " أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض" .