03‏/07‏/2011

أسطول الحرية اقوى من قراصنة الحكومات


بقلم محمد زيدان

تُجنّدُ العساكرُ وتُستفَزُ الأساطيل ... يقف الجنود على أهبة الإستعداد انتظاراً للأوامر الصادرة من كل العواصم المتآمرة سراً وعلانية ... يُحاصرُ الميناء ... يتم احتجاز المسافرين، وتمنع السفن من المغادرة!!. سفن لا تحمل إلا القليل من المساعدات الإنسانية والكثير من التضامن الإنساني .. هي رسالة الإنسانية للإنسان ... سفن لا تواجه عواصف الطبيعة واعاصيرها بقدر ما تواجهه من عواصم أخذت على عاتقها مناقضة الطبيعة الانسانية.

صورة يرسمها المتضامون بأجسادهم وقناعاتهم التي تتحدى الضمير النائم ... صورة تعيب تلك "الإنسانية" الملتحفة بستائر الحضارة والتقدم الإنساني الزائف .. هي صورة تعبر اكثر من كل الصور عن "الحرب بين قوى الخير وقوى الشر في العالم"، صراع بين مجموعة بشرية لا تجمعها سوى مبادئ السلم والحقوق والكرامة الانسانية التي تأبى على حصارٍ لبشرٍ أن يستمر دون أن ترفع صوتها ضده ... تقوم بما هو أرقى من "اضعف الإيمان"، قوى تجمعت لإسماع صرخة الحرية وحقوق الإنسان كما أدركتها بفطرتها البشرية الأولية ... وفي الجهة المقابلة دول وحكومات لا تجمعها سوى "ديبلوماسية المصالح" التي لا يهمها أن تدوس كل المبادئ والأخلاق !!.. بل تدوس البشر بذاتهم مع كل القيم الدولية التي تتغنى بها من على كل المنابر الدولية والإقليمية والمحلية.

منظر سريالي حزين يحصل في حضرة الاكروبوليس اليوناني الذي علّم البشرية لون الثورات وحقيقة الكرامة البشرية وحقوق الانسان ... أكاد أرى أباطرة الفلسفة والفكر اليوناني... أراهم في عليائهم يجلسون خلف غيومهم الاسطورية فيما يشبه الإستعداد للتحرك والإنطلاق لإيقاظ أحفادهم الذين يدوسون قيمهم ويدمرون ما بنوه منذ قرون طويلة ... يرون كيف يمنع أحفادهم الشباب المتضامنين من حمل شعلة الحرية التي انطلقت من الأولومبيا قبل مئات السنين ليحملوها لغزة وشعبها برا وبحرا ... يشاهدون الدول وقد تجيّشت والحكومات تجندت بكل مبعوثيها ومرسليها الى المنطقة، لتستعمل كل ما أوتيت من قوة السلطة والمال والعسكر لتقنع كل "أولاياء الأمر بأن "إرسال أسطول الحرية ليست فكرة صائبة" أو "أن في إرسال الاسطول استفزاز لمشاعر حكومة اسرائيل وجيشها" الذي ينفذ الحصار منذ سنوات!!!

هذا المنطق الهمجي الذي يرى بالنضال السلمي العالمي الموحد ضد الحصار استفزازا للمجرمين ويمنعون الناس البسطاء بالقيام بما كان يتحتم عليهم القيام به خشية المساس بمشاعر من يرتكب جريمة الحصار الدولي وجرائم الحرب اليومية منذ اكثر من ستة عقود!!. هذا المنطق الذي يتحرك لمنع التضامن ومنع الاحتجاج لم يحرك ساكناً لمنع الحصار او التخفيف من اضراره، بل تكفل حتى بكل الالاعيب الدولية والقوانين العالمية لدوام الحصار ومنع ادانته بكل المحافل الدولية دون أن تتحرك في نفوسهم أي اشكال من التردد او إعادة التفكير ... ولو من اجل مصالحهم، إن لم يكن من أجل الأطفال والنساء، المرضى والجرحى والمحتاجين المشتاقين لهواء الحرية ...

هي ذاتها الحكومات التي تجتمع يومياً لتزيد من عملياتها العسكرية وقصفها الجوي "دعماً للثوار في ليبيا" كما تدّعي!!، وتستمر بإرسال الطائرات العسكرية وقتل المدنيين في العراق وافغانستان ومناطق اخرى لا نسمع عنها في إعلامهم المجيّر من أجل تلك القيم التي تبيعها لنا فارغة الا فيما يخدم مصالحها!!، هي ذاتها الحاملة لواء "التدخل العالمي" الفاعل في كل كبيرة وصغيرة لا تخدم مصالحها، وفي كل تحرك قد يهدد مراكز قواها حتى في غير بلادها الاصلية.

تحية لكل المرابطين من اجل الإنسانية ودعم الشعوب المضهدة حتى تخلص الإنسانية من عار الاحتلال والحصار... تحية لهؤلاء القادمين على مراكب تحركها إرادة حرة نظيفة وتنطلق حتى لو وقفت كل حكومات الظلم بوجه إمدادها بالوقود والوثائق اللازمة لتحركها .. لان أسطول الحرية وقوده الإيمان بعدالة القضية واخوة الشعوب ووحدة القيم رغم كل العقبات والمؤامرات الدولية.