31‏/10‏/2015

توازن الماضي ، الحاضر والمستقبل

الأمة – كما الإنسان، الفرد والمؤسسات - التي تعيش كل وقتها ، وفي ذات الوقت، بين ماضيها "ألمجيد" وحلمها " الرغيد" بالمستقبل - كما تصورهما هي لذاتها ، دون أن تترك لنفسها قسطاً كافياً من الوقت لتعيش يومها وحاضرها ،،،، تقع حتماً في مطبٍّ صعبٍ يشمل "العيش" الوهميّ بالحلم الورديّ في كليهما:  الماضي الذي انقضى ، والمستقبل الذي لم يأتِ بعد !! – هذه الأمة تجازف بذلك بحاضرها الذي لا تعيره اهتماماَ بحياتها ... حاضرٌ  سيمرُ سَلِساً من بين أصابعها دون أن تحسه او تعيشه (أيضا دون ان تخطط أو تنتبه حتى لذلك) –  ... هذا بأفضل الأحوال ، بينما في أحوال كثيرة ، قد تدمره وتقدمه قرباناً – بحالتها الواعية - من أجل ان يعود ذلك الماضي الذي تختزنه في كتب التاريخ وبطولات الروايات الشفوية ألشعبية ... أن يعود متخفياً بلباس المستقبل الذي لا يشبهه بشيء، سوى بعبقه وصورته المنقولة الينا عبر آلاف السنين ....   

الصورة المرتسمة في هذا المشهد ، كشخصٍ يقف على قناة مياه تتحرك ضفافها بفعل تغير منسوب المياه - تتسع وتضيق بشكل دائم -  يضع احدى قدميه في ضفةِ الماضي والأخرى بضفةِ المستقبل .... تخايلوا معي ما سيحصل حين تتسع وتتباعد الضفتان : باللهجة المحلية نقول : "بنفلخ" !! ... حينها حتماً سيسقط بالماء !! .. هذا الماء هو ما يمثل الحاضر الذي كان صاحبنا يحاول تفاديه وتفادي الدخول فيه !! ... كان لا يعيشه ويرفض حتى ان يتأكد من عمقه وطبيعة مياهه الجارية ومدى عذوبتها !! وصلاحيتها كي توفر له ما يحتاجه اليوم لحياته !!.

حين تترك الحاضر وتهمله  لتنغمس بالماضي والمستقبل (حتى وان تخيلتهما ورديان) ... حينها تخسر الكثير من حياتك دون ان تدرك الحاضر وتعيشه.

التوازن ألمطلوب بين التغني والتمجيد بماضينا (وأحياناً تقمص العيش فيه) - كأفراد ومؤسسات وشعوب وأمة - وبين الوعد والانتظار  للمستقبل ألمزهر  - هذا التوازن مطلوب وأساسي حتى لا ننسى ان نعيش يومنا - الآن – أن نعيش واقعنا وحاضرنا، ولا نهمل التعامل مع قضايانا الآنية – وأن نتأكد اننا لا نصل لوضعٍ ننسى فيه ان نفرح ونعيش بما لدينا،  أو نبتسم لأحبائنا ومعارفنا بيومنا الذي نعيشه الآن ... اليوم بالحاضر !! 

كلمة السر هو هذا التوازن المطلوب بين الانغماس بتمجيد الماضي – بالطبع دون ان نهمله – و العيش بالحلم الوردي الذي ينتظرنا بالمستقبل – بالطبع دون ان نهمل التخطيط له- والمهم أن لا ننسى ادخال – الحاضر: الرأس الثالث ليكتمل المثلث الذهبي بمعادلة التوازن هذه: الماضي الذي صنعه غيرنا، هو الذي انتهى ولن يعود ، والحاضر الذي نعيشه نحن اليوم ونمتلك تفاصيله ، والمستقبل الذي سيأتي (وقد يأتي دون أن نشارك بثماره) - ا!! ... علينا  ان لا نسمح بوضعٍ تمر بنا الأيام، وتمر حياتنا فيه - دون ان ننعم بالحاضر ، ونحاول ان نكون سعداء بلحظاته وموارده ونعمه .. ولا نعيش هذا الخوف من الفرح بيومنا الذي نعيشه الان !! ...
 
هو التوازن المطلوب حتى لا " ننفلخ" ونقع على وجوهنا ، تماما كما هو حاصلٌ للكثير من شعوبنا العربية اليوم!

نهاركم سعيد .. محمد زيدان ... صباح 2015/10/3

  M.C.C.T  تنمية بشرية وتدريب فردي - استشارة تدريب مؤسسات