19‏/01‏/2021

 

تدفيع الثمن والإرهاب اليهودي الجريمة القادمة مسألة وقت!!



محمد زيدان -
كلمة العدد صحيفة حديث الناس

"العرب أعداء يجب طردهم أو قتلهم"، "أيها اليهود أفيقوا واطردوا العرب" وغيرها من الشعارات العنصرية تركتها مجموعات "تدفيع الثمن" على جدران البيوت والمسجد في قرية منشية زبدة (شمال مرج ابن عامر) ، بعد قيامها بإعطاب وتمزيق عجلات قرابة 100 سيارة. ويعتبر هذا الاعتداء حلقة جديدة تضاف لسلسة الاعتداءات التي ترتكبها هذه الجماعات منذ سنوات دون ان تقوم الدولة بما يكفي لإنهاء نشاطها المتصاعد في عدوانيته.

إن سيطرة "ثقافة الاستيطان" على مفاتيح السلطة والقوى في الدولة، والتي بدأت منذ أواسط التسعينات، تستند لتثبيت الغالبية العظمى لشرعية الاستيطان في المناطق المحتلة، وإخراجه من أي نقاش حول الحلول الممكنة باعتبارها "جزءً من الأرض الموعودة لليهود". وقد اعتادت هذه المجموعات الإرهابية على القيام بنشاطات عنصرية واعتداءات يومية مستمرة ضد المزارعين الفلسطينيين ومنعهم من الوصول لأراضيهم، وقطع الأشجار وحرق المحاصيل والمباني الزراعية، بالإضافة للاعتداءات الفعلية وحتى الجسدية التي من أبرزها "مذبحة الحرم الابراهيمي" التي نفذها الإرهابي باروخ غولدشتاين عام 1994، وراح ضحيتها 29 مصلياً، وجرح 150 آخرين، خطف الطفل محمد أبو خضير من القدس وقتله حرقاً عام 2014، بالإضافة لحرق عائلة الدوابشة في قرية دوما عام 2015، وغيرها المئات من الاعتداءات المباشرة ذات الطابع العنصري الإرهابي.

وفي مرحلة لاحقة انتقلت هذه المجموعة لتنفذ جرائمها ضد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أيضا، والتي غالباً ما كانت تتمثل بإعطاب سيارات وكتابة شعارات معادية للعرب، والداعية لقتلهم او طردهم. كما أخذت بتصعيد اعتداءاتها ذات الخطاب العنصري والداعي للكراهية القومية والدينية من خلال الاعتداء على المساجد والكنائس، التي وصلت ذروتها بإحراق مسجد طوبا الزنغرية، وكنيسة "الخبز والسمك" في الطابغة قرب طبريا.

ان هذه المجموعات الإرهابية لم تأت من فراغ، وانما خرجت من قلب حركة الاستيطان الصهيونية المتدينة، وتُدرَّس مناهجها العنصرية في المدارس الدينية على مرآى ومسمع الأجهزة الأمنية، وبميزانيات سخية من الحكومة الإسرائيلية، التي فشلت في القيام بالحد الأدنى لوقف الظاهرة، ليس بالقبض على المجرمين وتقديمهم للقضاء فحسب، بل فشلت أيضاً في وضع حدٍ لمصادر التمويل التي تصل "مدارس الإرهاب" و"كليات الكراهية" التي ترعى "خط انتاج" فاعل للإرهابيين، الذين لم يتوقف "انتاجهم" وتدريبهم شبه العسكري منذ نشوء حركة كاخ العنصرية في السبعينات من القرن الماضي.

التسميات مهمة: هي حركات إرهابية وما تقوم به لا يمكن تسميته الا إرهاباً وفاشية، وانتقال نشاطاتها الى داخل البلاد ينبئ بتعاظم قوتها بعد الدعم السياسي من الأحزاب اليمينية التي لا تعتمد على أصوات المستوطنين فحسب، بل تمثل ذراعا سياسياً لمصالحها واجنداتها من خلال القوانين التي تقر (تطبيق قوانين إسرائيلية على المستوطنات وما يمثله من تنفيذ لرغبة ضم المناطق المحتلة على سبيل المثال، وتخصيص الميزانيات لتوسيع الاستيطان، والعمل لضم الأغوار..) والمثير للمراقب أن هذه الاجندات والشعارات صارت تحظى بدعم واجماع يتجاوز التيارات السياسية اليمينية والاستيطانية التقليدية التي صارت ممثلة لوزارات مهمة بالحكومة، لتحظى بدعم غالبية الحزب الحاكم -الليكود، كما اوساطا في حزب المعارضة الأكبر، كحول لافان (ازرق أبيض).

ان تزايد التحريض من المؤسسة الحاكمة وبرأسها رئيس الحكومة، والتي من المرشح تصاعدها مع دخول البلاد لجولة انتخابية ثالثة، يمكن أن ينبئ بمرحلة قاتمة قادمة، فالانتقال من التحريض وكتابة الشعارات للاعتداء على الأملاك لم يكن يحتاج للكثير من الجهد من هذه المجموعات الإرهابية. ومن النظر الى انزلاق الأمر وتدهوره في المناطق المحتلة عام 67، يظهر أن الانتقال من الاعتداء على الممتلكات الى القيام باعتداءات على المواطنين وتنفيذ القتل، وحتى ارتكاب المجازر هو مسألة وقت لا أكثر. وهو ما يتوجب على مؤسساتنا التمثيلية الاستعداد والعمل لمنعه باعتباره خطرا حقيقيا داهماً. 

محمد زيدان – طاقم التحرير