19‏/01‏/2021

ثلاث قضايا وتوجه واحد التمييز وثقافة



محمد زيدان

كلمة العدد - صحيفة حديث الناس



العنوان الأول: صفقة ترامب كمناسبة للتخلص من المثلث والعرب:

"صفقة القرن" التي كتبت بمشاركة إسرائيلية أمريكية، طرحت فكرة "تعديل الحدود" من خلال التخلص من منطقة المثلث بسكانها. ويبدو الامر مثيرا لأن إسرائيل خاضت الحروب تلو الحروب منذ عام 48 لتوسيع رقعتها والسيطرة على أوسع مساحات ممكنه، فجأة تعلن استعدادها "لإعادة ترسيم الحدود" و"التنازل" عن مساحة ضمتها بموجب "اتفاقيات رودوس"، وتبادر هي لذلك بذاتها ما دام المقابل هو التخلص من حوالي 300 ألف فلسطيني من "مواطنيها" ما دام الامر مفيداً لتعزيز يهوديتها. 

هي "رؤيا" وضعتها الإدارة الامريكية بالتعاون مع القيادة الاسرائيلية دون أن يطالِب الفلسطينيون بها!، والمفارقة انه لم يحصل بالتاريخ الإنساني أن "تنازلت" دولة عن مساحة منها تطوعاً، حتى دون أن تكون مُطَالَبَةً او مرغمةً لذلك!!، وهذا يظهر مدى تجذر العنصرية في الأرضية التي تقوم عليها هذه الرؤيا، وحجم عدائها للعرب الفلسطينيين على جانبي "الخط الأخضر" الذي لم تأت على ذكره.

الهاجس الديمغرافي لحماية "يهودية الدولة" وضمان استمرار الغالبية اليهودية فيها، يكفي سبباً للتخلص منهم بعد "تعديل الحدود"، بما يضمن التخلص من البلدات بمساحتها المقلصة الحالية، وتغيير مواطنة السكان فيها، مع التأكيد على تجريدهم من حقوقهم وأملاكهم، وضمهم للكيان الهلامي الذي تسميه صفقة ترامب "دولة فلسطينية"، دون الحديث عمّا كانوا يملكونه وصادرته الدولة منذ ضمهم عام 1949.


العنوان الثاني: لجنة الانتخابات تشطب ترشيح النائبة يزبك: 

قررت لجنة الانتخابات للكنيست هذا الاسبوع، شطب ترشح النائبة عن التجمع الوطني الديمقراطي، د. هبة يزبك، ومنعها من الترشح في القائمة المشتركة، وذلك رغم توضيحها المكتوب الذي قدم للجنة وقالت فيه أنها لم تقصد "تأييد العنف"، وأنها لم تكن لتكتب مواقفها بنفس الطريقة التي صاغتها قبل دخولها الكنيست، لكن اللجنة قررت الشطب متجاهلة إعلان المستشار القضائي للحكومة معارضته لهذا الأمر.

وكما في كل جلسات الشطب المتوقعة قبيل كل الجولات الانتخابية، شهدت الجلسة أجواءً متوترة وإطلاق عبارات عنصرية من بعض أعضاء اللجنة، وهم مندوبين عن الأحزاب المنافسة ذاتها، الذين نعتوا النواب العرب بأنهم "مخربون" ويدعمون الارهاب. وقد صوت مع طلب الشطب (الذي قدمته أحزاب اليمين المختلفة) 27 عضواً، بينهم مندوبين عن أحزاب "كحول لافان" و"حزب العمل" المتحالف مع ميرتس!) فيما عارضه 7 أعضاء.

 ويأتي قرار اللجنة في عملية إجرائية بعيدة كل البعد عن النظم الديمقراطية المقبولة. فيما اعتبره المراقبون "قراراً سياسياً بحتاً، يستند في كل حيثياته على العنصرية ومحاولات كسب الأصوات من خلال التحريض على المواطنين العرب وممثليهم السياسيين المنتخبين".


العنوان الثالث: الدبلوماسية التي لا تتذكر العربي، تتعاظم عندما يكون المواطن يهودياً 

المتتبع لأخبار النشاط الديبلوماسي المحموم الذي أدى لإطلاق سراح الشابة الإسرائيلية (نعمة يسخار) من السجن الروسي بعد اعتقالها بتهمة حيازة المخدرات، يكاد يجزم ان هذا النشاط السياسي والإعلامي المحلي والدولي ليس طبيعياً ولا متناسقاً مع ما تقوم به الدول في مثل هذه القضايا والحالات المشابهة.

ان تهتم الدولة بترتيب لقاءات للعائلة مع الرئيس بوتين، وأن يُطرح الموضوع على جدول زيارة الأخير الى البلاد، وأن يسافر رئيس الحكومة نتنياهو خصيصاً الى روسيا أكثر من مرة للبحث في قضيتها. وان يسافر بطائرته من واشنطن الى موسكو كي يصحبها الى تل ابيب، هو بالتأكيد امرٌ مستهجن!. هذا إضافة الى المساحة التي أفردتها وسائل الاعلام على أنواعها لهذه القضية، وجعلها تتحول من قضية شخصية إلى قضية "رأي عام" جارف مؤيد ومساند للإفراج عنها!!

ويتخذ هذا الامر أهمية خاصة عندما تستوجب المقارنة بين تلك الجهود الجبارة والموارد غير المتناهية التي صرفت عليها، مع القضايا العالقة المتعلقة بالمواطنين العرب وما يواجههم في الخارج، وغياب المبادرة والاستعداد للدفاع عنها وتقديم الدعم لها من قبل الدولة وسفاراتها في الخارج.

ويكفي ان نذكر لتجسيد هذه الفروقات قضية الشاب "يوسف إبراهيم مجدوب" ابن مدينة طمرة المعتقل في تركيا منذ كانون اول الماضي، الذي لم تسعفه كل النداءات التي وجهتها عائلته لمؤسسات الدولة الرسمية بطلب المساعدة لها ولابنها، الذي يواجه تهماً باطلة وفق العائلة ويقدم للمحكمة التركية بموجبها. 

كما تستوجب المقارنة التذكير بقضية ابنة باقة الغربية "لطيفة زياد" التي اختفت آثارها خلال رحلة استجمام في مدينة باريس منذ 8/10/2019، ولا يزال الغموض يكتنف اختفاؤها والحالة التي تعيشها بعيدة عن العائلة، هذه القضية التي لم تلقى أيضا ولو الجزء اليسير من الاهتمام والمتابعة من الدولة.

ان مجرد المقارنة تظهر بما لا يدع مجالا للشكل وجود معايير مزدوجة وسياسة من التمييز على أساس عنصري في تعامل الدولة ومؤسساتها ليس في القضايا السياسية والمدنية فحسب بل وحتى في القضايا ذات البعد الإنساني والحقوق الأساسية.